العرب والتصنيم - بقلم الشيخ ابراهيم فواز

لتزويدنا بأي خبر، مناسبة، صورة.. أو للتواصل مع
"موقع جويا "أنقر هنا

05-03-2015

العرب والتصنيم - بقلم الشيخ ابراهيم فواز

باسمه تعالى
العرب والتصنيم :

إيضاح : المقصد من عبارة التصنيم هو صناعة الأوثان بقصد التعبد لها .

والتاريخ يشهد أن العربي كان يضع في كل زاوية من جهات سكناته وحركاته صنماً للتعبد .

لكن ما يستحق الإلتفات في الأمر أن عربي ما قبل الإسلام هو من كان يصنع الصنم ويختار شكله ومكان عرشه ومتى شاء إستبدله بآخر .

لذا من المهم عدم الإستغراق في تسخيف عقل هذا العربي بل ببعض الملاحظة قد يُرى عكس الظن المشار إليه .
فهو بإختصار صانع آلهة ، وغايته من صنع الصنم أن يصنع إلهاً مسجوناً ليس له رأي ولا حركة ، بل للإنسان الصانع حق صياغة العقيدة والشريعة والطقوس ووضعها قلادة في عنق الصنم .

وجاء الإسلام وصرف الرسول (ص) ساعةً من نهار لتحطيم أصنام الحجر في مكة المكرّمة بينما صرف ثلاثاً وعشرين سنة لتحطيم أصنام العقل العربي. .

وتوفي الرسول الأعظم (ص) وأدرك هذا العربي أن لا إمكان لإعادة أصنام الحجر إلى مكانها ومكانتها ، فأبدع عقله الفذ في إنشاء مصانع لتصنيم كل شيء .

( مع رجاء أن يقرأني القاريء بحلمٍ وتروٍ ) أقول :

= عمل العقل العربي على تصنيم الله عز وجل فجعل له الطول والعرض ويضحك حتى ... وينزل ويصعد ويضع يده على كتف من عصاه ويساوره ....
وكل همه بناء القصور وخلق الحوريات لهذا العربي وينصره على أعدائه بل يهزمهم في الدنيا ويحرقهم في الآخرة ....

= وعمل العقل العربي على تصنيم الرسول الأعظم (ص) فجعل وظيفته الأساس أن يُبّشر بعض أصحابه بالجنان ويرضى عن المحسن والجاني منهم ويُنذر غيرهم وعليه لا يُرَدُ قوله وإن كان يجهل بعض بسيط أمور الدنيا وقد ينقصه الصبر أحياناً و...

= وعمل العقل العربي على تصنيم الصحابة فجعل كلهم مصيب وإن تقاتلوا أو تكاذبوا أو تعارضوا بالفتوى ...

= وعمل العقل العربي على تصنيم بعض أهل البيت (ع) وتأليههم وإن تواضع نزع عنهم تعبير (الآلهة) مع الإحتفاظ لهم بكل وظائف الإله وقدراته وإن تواضع أكثر قال هم مخلوقون لكن الله يقف عند رغبات أشخاصهم ( بما هم أشخاص ) .....

= وعمل العقل العربي على تصنيم النقل والمرويات فجعل كل ما نُسب إلى الرسول (ص) أو أهل البيت (ع) أو الصحابة صحيح مُقدّس لا يجوز تناوله بتعقل ودراية إذا كان يوافق طبعاً الغايات الصنمية لهذا العربي أو ذاك وإلا فهو ضعيف ومكذوب ومتروك.....

= وعمل العقل العربي على تصنيم الطائفة والمذهب فجعل كلٌ أبناء طائفته أمراء الجنة وإن قتلوا وهتكوا و... وكل مخالفيه إلى جهنم وبئس المصير .

= وعمل العقل العربي على تصنيم علماء مذهبه فكلهم سنام العلم والفهم وعلماء مخالفيه أصابهم العته والسفه فضلاً عن كونهم فسقة ....

= وعمل العقل العربي على تصنيم الحاكم فجعل طاعته طاعة الله وإن سرق مالك وجلد ظهرك وإن قهره غيره إنتقلت بركات الله إليه .

= وعمل العقل العربي على تصنيم الحزب والتنظيم ورئيسه وكل حزب قائده خالد ...

= وعمل العقل العربي على تصنيم زعيم العائلة وغنيّها حتى إن أصابه الزُكام صار عُطاسه حكمةً وسُعاله بلاغةً ...
وقِس على ذلك لا أراك الله عجباً ..........
إلى أن جاءت سنوات القرن الواحد والعشرين فتدّعشن هذا العقل العربي لكثرة ما أُتخم صنمية وتصنيماً وأنتج ذروة إبداعاته :
إسلام التوحش الداعشي .
( مع ملاحظة أكيدة أن الدعشنة هذه تسكن في عقول الكثيرين ممن لا يحملون سكين الذبح وينادون بسماحة الإسلام .. مع قول كل منهم على الهامش : أن طائفتي هي الحق والآخر باطل وضلال ..)

======= بعض مظاهر الدعشنة :

== بعد حرب 1973 قال كيسنجر : لن نسمح بعد اليوم بتحالف دولتين عربيتين عندها لن تكون حرب جديدة . وأثبتت الدعشنة صدقه .

== قالت غولدامئيير لا تخافوا إن العرب لا يقرأون . وأطاعت الدعشنة وحرّقت مكتبات الموصل وغيرها حتى لا يفكر معتوه عربي بالتجرؤ على القراءة .

== سنة 1991 كتبت صحيفة بريطانية : قد يأتي يوم يرى فيه العراق أن لا داعي لبقاء دولة إسمها الكويت فغزاها صدّام فجراً.

== قال الله سبحانه تعالى : إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ
لكن العقل الداعشي وفي زمن الفضائيات أنتج أفواهاً تراقص ألسنتها غرائز التوحش السائب فصارت تصدح ليلاً ونهاراً : سُنّة وشيعة ، شيعةُ وسُنّة . فرقة ناجية وفرق ضلال .

= قال الله تعالى : وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ
لكن العقل الداعشي يقول : هذا مسجد سُني وذاك مسجد شيعي وعليه هُدّمت مساجد و....

= قال الله تعالى : مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ ... ومَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور.
لكن العقل الداعشي أبي إلا أن يستعجل الحساب فأنشأ قيامة خاصة وفتح كلٌ جناناً لجماعته ونيراناً لمخالفيه بل وهدم الأضرحة وفتح القبور ...

= قال الله تعالى : وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
لكن العقل الداعشي جعل من كل صاحب لحية وخِرقة على رأسه إلهاً بلا رحمة .

= قال الله تعالى : فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ .
لكن العقل الداعشي أبى إلا تحطيم كل آثار الماضين وكأن الغافل كان الله ورسوله لأنهما لم يأمرا بتحطيمها والصحابة لأنهم تركوها فتنة للمسلمين .
أخيراً وإن كنت أعتذر من كل من أساء فهمي إلا أني أستغفر الله من كل كلمة أسأت تقديرها قبل كتابتها لكن عذري:

أني ما عرفتُ إلا إلهاً واحداً لا شريك له وليس كمثله شيء
وأنه الرحمن الرحيم وهو الحكيم بل هو الحق والعدل ويسكن كل ذرة من كياني .
وأن محمداً عبده ورسوله وهو رحمة الرحمن الرحيم إلى العالمين وهو رسول الحكمة والحق والعدل .
وأن المسلم من سلم الناس من يده ولسانه .
وكل ما خالف ذلك باطل .
ولله الأمر من قبل ومن بعد .
إبراهيم فواز .